سورة الأنفال - تفسير تفسير القرطبي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنفال)


        


{وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ (30)}
هذا إخبار بما اجتمع عليه المشركون من المكر بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في دار الندوة، فاجتمع رأيهم على قتله فبيتوه، ورصدوه على باب منزل طول ليلتهم ليقتلوه إذا خرج، فأمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علي بن أبي طالب أن ينام على فراشه، ودعا الله عز وجل أن يعمى عليهم أثره، فطمس الله على أبصارهم، فخرج وقد غشيهم النوم، فوضع على رؤوسهم ترابا ونهض. فلما أصبحوا خرج عليهم علي فأخبرهم أن ليس في الدار أحد، فعلموا أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد فات ونجا. الخبر مشهور في السيرة وغيرها. ومعنى {لِيُثْبِتُوكَ 30} ليحبسوك، يقال: أثبته إذا حبسته.
وقال قتادة: {لِيُثْبِتُوكَ 30} وثاقا. وعنه أيضا وعبد الله بن كثير: ليسجنوك.
وقال أبان بن تغلب وأبو حاتم: ليثخنوك بالجراحات والضرب الشديد. قال الشاعر:
فقلت ويحكما ما في صحيفتكم *** قالوا الخليفة أمسى مثبتا وجعا
{أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ} 30 عطف. {وَيَمْكُرُونَ} 30 مستأنف. والمكر: التدبير في الأمر في خفية. {وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ} ابتداء وخبر. والمكر من الله هو جزاؤهم بالعذاب على مكرهم من حيث لا يشعرون.


{وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا قالُوا قَدْ سَمِعْنا لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا إِنْ هذا إِلاَّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (31)}
نزلت في النضر بن الحارث، كان خرج إلى الحيرة في التجارة فاشترى أحاديث كليلة ودمنة، وكسرى وقيصر، فلما قص رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخبار من مضى قال النضر: لو شئت لقلت مثل هذا. وكان هذا وقاحة وكذبا.
وقيل: إنهم توهموا أنهم يأتون بمثله، كما توهمت سحرة موسى، ثم راموا ذلك فعجزوا عنه وقالوا عنادا: إن هذا إلا أساطير الأولين. وقد تقدم.


{وَإِذْ قالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ (32)}
القراء على نصب {الحق} على خبر {كانَ}. ودخلت {هُوَ} للفصل. ويجوز {هُوَ الْحَقَّ} بالرفع. {مِنْ عِنْدِكَ} قال الزجاج: ولا أعلم أحدا قرأ بها. ولا اختلاف بين النحويين في إجازتها ولكن القراءة سنة، لا يقرأ فيها إلا بقراءة مرضية. واختلف فيمن قال هذه المقالة، فقال مجاهد وابن جبير: قائل هذا هو النضر بن الحارث. أنس بن مالك: قائله أبو جهل، رواه البخاري ومسلم. ثم يجوز أن يقال: قالوه لشبهة كانت في صدورهم، أو على وجه العناد والإبهام على الناس أنهم على بصيرة، ثم حل بهم يوم بدر ما سألوا حكي أن ابن عباس لقيه رجل من اليهود، فقال اليهودي: ممن أنت؟ قال: من قريش. فقال: أنت من القوم الذين قالوا: {اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ} الآية. فهلا عليهم أن يقولوا: إن كان هذا هو الحق من عندك فاهدنا له! إن هؤلاء قوم يجهلون. قال ابن عباس: وأنت يا إسرائيلي، من القوم الذين لم تجف أرجلهم من بلل البحر الذي أغرق فيه فرعون وقومه، وأنجى موسى وقومه، حتى قالوا: {اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ} فقال لهم موسى: {إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} فأطرق اليهودي مفحما. {فَأَمْطِرْ} أمطر في العذاب. ومطر في الرحمة، عن أبي عبيدة. وقد تقدم.

4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11